تأثير السوشيال ميديا على المراهقين

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على صورة الذات لدى المراهقين

في عصر الإنترنت، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياة المراهقين. منصات مثل إنستغرام، تيك توك، سناب شات، ويوتيوب أصبحت ساحات للتعبير عن الذات، ولكنها في الوقت نفسه بيئة خصبة للمقارنة، وانتظار الإعجاب، والبحث عن القبول.
مع الاستخدام المفرط لهذه المنصات، بدأ العديد من الخبراء يحذرون من تأثيرها على صورة الذات، وهي الطريقة التي يرى بها المراهق نفسه ويقيّم مظهره، وشخصيته، وقيمته.

في هذا المقال نستعرض تأثير السوشيال ميديا على المراهقين، وما هي العلامات التي تشير إلى تأثر المراهق بها، وأهم الخطوات العملية للحفاظ على علاقة صحية مع هذه الوسائل.


أولًا: ما المقصود بـ "صورة الذات"؟

صورة الذات هي التصور الذاتي الذي يمتلكه الفرد عن نفسه، والذي يتكون من:

  • المظهر الخارجي (كيف يرى شكله وجسده).

  • الصفات الشخصية (هل يرى نفسه واثقًا، محبوبًا، قادرًا؟).

  • القيمة الذاتية (إحساسه بقيمته وأهميته).

لدى المراهقين، تكون صورة الذات في مرحلة تشكل ونمو، ما يجعلها أكثر حساسية للتأثر بالمؤثرات الخارجية، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي.


ثانيًا: كيف تؤثر وسائل التواصل على صورة الذات؟

1. المقارنة المستمرة مع الآخرين

وسائل التواصل مليئة بالصور والفيديوهات التي تعرض حياة الآخرين في أبهى صورة. هذا يدفع المراهق لمقارنة نفسه بهم، مما قد يجعله يشعر أنه أقل جاذبية أو نجاحًا.

2. ضغط "المثالية"

الفلاتر، وتعديل الصور، ومقاطع الفيديو المنتقاة بعناية تخلق صورة مثالية وغير واقعية، تجعل المراهق يشعر أن عليه أن يكون "كاملاً" ليحصل على القبول.

3. البحث عن القبول من خلال الإعجابات والتعليقات

عندما تصبح قيمة المراهق مرتبطة بعدد الإعجابات أو المتابعين، فإن أي تراجع في هذه الأرقام قد يؤثر سلبًا على ثقته بنفسه.

4. التنمر الإلكتروني

التعليقات السلبية أو السخرية على الصور أو الآراء قد تؤدي إلى تراجع كبير في احترام الذات، وأحيانًا الاكتئاب.

5. فقدان الاتصال بالواقع

الانغماس الزائد في المحتوى الافتراضي قد يجعل المراهق يغفل عن الجوانب الحقيقية والمميزة في حياته الواقعية.


ثالثًا: علامات تأثير السوشيال ميديا على المراهقين

  • قضاء ساعات طويلة في تعديل الصور قبل نشرها.

  • القلق أو الحزن عند قلة الإعجابات أو التعليقات.

  • تجنب اللقاءات الاجتماعية الحقيقية خوفًا من المقارنة.

  • الانشغال المفرط بمظهر الجسد أو الملابس.

  • انخفاض الحافز في الدراسة أو الهوايات بسبب الشعور بعدم الكفاية.


رابعًا: كيف يحافظ المراهق على صورة ذاتية صحية؟

1. الحد من وقت استخدام وسائل التواصل

تخصيص وقت محدد يوميًا، أو تخصيص أيام بدون وسائل التواصل، يقلل من تأثير السوشيال ميديا على المراهقين.


2. تنويع المحتوى الذي يتابعه

متابعة حسابات تعليمية، أو تحفيزية، أو تلك التي تقدم محتوى إيجابي وواقعي، بدلاً من التركيز على حسابات المظاهر فقط.


3. التركيز على نقاط القوة الشخصية

تشجيع المراهق على تحديد إنجازاته ومهاراته الفريدة، والاحتفال بها بعيدًا عن المقارنة بالآخرين.


4. ممارسة الأنشطة الواقعية

الرياضة، الرسم، التطوع، أو أي نشاط خارج الشاشة يساعد على بناء الثقة بالنفس من خلال التجارب الحقيقية.


5. طلب الدعم عند الحاجة

إذا لاحظ الأهل أو المراهق نفسه تأثره الشديد بوسائل التواصل، يجب التواصل مع مختص نفسي لمساعدته على إعادة بناء صورة الذات.


خامسًا: دور الأهل في حماية صورة الذات لدى المراهقين

  • التواصل المفتوح: التحدث بانتظام عن تجارب المراهق على الإنترنت ومشاعره تجاهها.

  • النموذج الإيجابي: تجنب المبالغة في استخدام وسائل التواصل أمام الأبناء.

  • التشجيع والدعم: تعزيز الثقة بالنفس من خلال التشجيع على الإنجازات الشخصية، وليس فقط على المظهر.


سادسًا: الجانب الإيجابي لوسائل التواصل (عند استخدامها بوعي)

ليس تأثير السوشيال ميديا على المراهقين كله سلبي، إذ يمكن أن تكون مصدرًا للتعلم، والإلهام، وبناء الصداقات، إذا تم استخدامها بوعي واعتدال.


خاتمة

تأثير السوشيال ميديا على المراهقين قوي، وهي سلاح ذو حدين. المراهق الذي يتعلم كيف يوازن بين العالم الافتراضي والواقع، وكيف يقدر نفسه بعيدًا عن المعايير المصطنعة، سيكون أكثر قدرة على بناء صورة ذاتية صحية ومتوازنة.
المفتاح هو الوعي، والتوجيه الأسري، والتعامل الواعي مع المحتوى.



Back to blog