اثار العنف

العنف الخفي: كيف يؤثر العنف الأسري على الصحة النفسية للأسرة والأبناء؟

في مجتمعاتنا اليوم، لا يزال العنف الأسري يُعتبر من القضايا الصامتة التي تحدث خلف الأبواب المغلقة. قد يراه البعض مجرد خلافات عائلية عابرة، لكنه في الحقيقة يترك آثارًا عميقة على الصحة النفسية للأفراد، وخصوصًا النساء والأطفال والمراهقين. العنف لا يقتصر على الضرب أو الإيذاء الجسدي فحسب، بل يمتد إلى الكلمات الجارحة، التحكم العاطفي، الحرمان الاقتصادي، والضغط النفسي المستمر. هذه الممارسات، وإن كانت غير مرئية، إلا أن انعكاساتها النفسية طويلة الأمد قد تُدمّر الاستقرار الأسري وتمتد اثار العنف للمجتمع ككل.


ما هو العنف الأسري؟

العنف الأسري هو أي سلوك يهدف إلى السيطرة أو فرض القوة من طرف على آخر داخل نطاق الأسرة. قد يكون:

  • عنف جسدي: كالضرب أو الإيذاء المباشر.

  • عنف نفسي: مثل التحقير، السخرية، أو التهديد المستمر.

  • عنف لفظي: الكلمات الجارحة، الشتائم، أو النقد المبالغ فيه.

  • عنف اقتصادي: حرمان أحد الأطراف من الموارد المالية أو التحكم في مصروفاته.

هذه الأشكال مجتمعة تخلق بيئة مشحونة بالخوف والتوتر وتترك ندوبًا نفسية أعمق من أي جرح جسدي.


اثار العنف على الصحة النفسية

الع
نف لا يتوقف عند لحظة حدوثه، بل يترسخ في وجدان الضحية ويؤثر على حالتها النفسية بشكل مستمر. ومن أبرز التأثيرات:

  • القلق والاكتئاب: حيث يعيش الضحايا حالة من التوتر المستمر وفقدان الأمل.

  • فقدان الثقة بالنفس: تكرار الإساءة يؤدي إلى شعور الضحية بأنها غير جديرة بالحب أو الاحترام.

  • الانعزال الاجتماعي: كثير من الضحايا يفضلون الصمت والابتعاد عن الآخرين خوفًا من الوصمة أو كشف ما يمرون به.

  • اضطرابات النوم والأرق: نتيجة التفكير الزائد والقلق من تكرار مواقف العنف.


تأثير العنف على الأطفال والمراهقين

اثار العنف أشد على الأطفال والمراهقون فهم الأكثر هشاشة عندما يتعلق الأمر بالعنف الأسري. حتى وإن لم يكونوا هم الضحايا المباشرين، فإن مشاهدتهم للعنف تؤثر عليهم بعمق:

  • ضعف التحصيل الدراسي: نتيجة لانشغالهم النفسي وعدم قدرتهم على التركيز.

  • مشاكل في الثقة بالنفس: ينشأ الطفل في بيئة تجعله يشعر بعدم الأمان.

  • إعادة إنتاج دائرة العنف: بعض الأطفال الذين يشاهدون العنف قد يتبنون نفس السلوك في المستقبل داخل علاقاتهم.

  • مشاعر الخوف الدائم: يعيش الطفل أو المراهق في قلق مستمر من فقدان الأمان داخل منزله.


لماذا يتم السكوت عن العنف؟

رغم خطورة العنف، إلا أن الكثير من الضحايا يفضلون الصمت لأسباب متعددة:

  • الخوف من الوصمة الاجتماعية: حيث يعتقد البعض أن الحديث عن العنف يجلب العار.

  • الاعتماد الاقتصادي: قد تخشى بعض النساء فقدان الدعم المالي إن قررن مواجهة العنف.

  • نقص الوعي: بعض الضحايا لا يدركون أن ما يتعرضون له يُصنف كعنف، بل يعتبرونه أمراً طبيعياً أو جزءاً من الثقافة الأسرية.


كيف يساعد الدعم النفسي في التعافي من العنف؟

هنا يبرز دور جلسات الدعم النفسي من Ehdaa Rajab Family Consultant التي توفر مساحة آمنة للتعبير عن المشاعر وتحرير الضحية من عبء الصمت و اثار العنف. الدعم النفسي يساعد على:

  • إعادة بناء الثقة بالنفس: عبر تمارين عملية وأساليب علاجية مخصصة.

  • التفريغ العاطفي: وهو وسيلة فعّالة للتخلص من المشاعر السلبية المكبوتة.

  • تطوير استراتيجيات مواجهة: مثل تعلم وضع حدود صحية والتعامل مع الضغوط.

  • إيجاد بدائل واقعية: مثل الدعم الاجتماعي أو الاستقلال الاقتصادي.


طرق عملية للتعامل مع العنف أو مواجهته

  • وضع حدود واضحة: لا بد من التعبير بصراحة أن السلوك العنيف غير مقبول.

  • طلب المساعدة من مختصين: التواصل مع الأخصائيين النفسيين أو مراكز الدعم الأسري.

  • كسر دائرة الصمت: التحدث مع شخص موثوق قد يكون بداية الطريق للتغيير.

  • التخطيط للأمان الشخصي: خاصة إذا كان العنف الجسدي يمثل تهديداً مباشراً.


الخاتمة

اثار العنف وخاصة العنف الأسري ليس قضية فردية بل قضية مجتمعية، وصمته يُضاعف من أثره. ما يجب أن ندركه أن العنف لا يترك ندوباً على الجسد فقط، بل يُشكل جروحاً عميقة في الروح يصعب شفاؤها دون دعم حقيقي. الحل يبدأ من كسر دائرة الصمت، والاعتراف بأن طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل خطوة شجاعة نحو حياة أكثر أمانًا وصحة نفسية متزنة.



للمزيد

التعامل مع مشاعر الرفض

اكتشاف الذات وبناء الشخصية

 

Back to blog